قصة عبدالله يرث وعبدالله لا يرث
ملاحظة: القصة نشرتها منذ فترة وسأعيد نشرها لانها قصة جميلة واعجبتني
يُحكى أنه كان هناك قبيلة يشتهر رجالها بشدة الذكاء ، وكان فيهم رجل حكيم يشع من وجهه نور الحكمة والمعرفة ، وكان قد رزقه الله بثلاثة من الذكور أسماهم كلهم بنفس الاسم (عبدالله) لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ، ولما اشتد به المرض مات بعد أن ترك وصية كتب فيها : عبد الله يرث وعبدالله لا يرث وعبدالله يرث .
فلما رأى الإخوة تلك الوصية احتاروا في أمرهم ، لأنهم لم يدروا لما كتب والدهم تلك الوصية ، ومن هو عبدالله الذي لن يرث ، وبعد المشورة والسؤال قرروا أن يذهبوا إلى أحد القضاة الذي اشتهر بالحكمة والذكاء ليبت في أمرهم ، وكان هذا القاضي يعيش بقرية بعيدة ، فشدوا رحالهم إليه .
وبينما هم سائرون ، وجدوا رجل يبحث عن بعيره الذي شرد . فقال لهم : هل رأيتم جملا ؟ فقال عبدالله الأول هل هو أعور ؟ فقال الرجل نعم ، فقال عبدالله الثاني : هل ذيله أزعر ؟ فقال الرجل بلهفة : نعم ، فقال عبدالله الثالث : هل هو أيضا أعرج ؟ فقال الرجل وهو فرح : نعم ، فقد ظن أنهم وجدوه لأنهم وصفوه وصفًا دقيقًا .
ولكنه حين سألهم عنه قالوا لم نره ، فاتهمهم الرجل بسرقة بعيره ، وإلا كيف عرفوه واستطاعوا وصفه بتلك الطريقة الصحيحة ! ، فأقسم الثلاثة أنهم لم يسرقوه ولكنه أصر على أن يشتكيهم للقاضي ، فقالوا له نحن ذاهبون إليه بالفعل فتعال معنا .
وذهب الأربعة معا للقاضي ، ولما دخلا عليه قص كل منهم قصته فقال لهم القاضي استريحوا الآن فأنتم قادمون من سفر طويل ، وأمر لهم بغرفة يجلسون فيها ووليمة يتناولونها ، وأمر أحد الخدم بمراقبتهم أثناء ذلك ، فقال أحدهم انتبهوا فهناك من يراقبنا .
وحينما دخل الخادم ومعه الغداء ومن ثم انصرف ، قال عبدالله الأول إن اللحم الذي نتناوله لحم كلب وليس لحم ماعز ، وقال عبدالله الثاني إن المرأة التي أعدت الغذاء حامل في شهرها التاسع ، وقال عبدالله الثالث إن القاضي ابن زنا .
وكان الخادم حينها يتلصص عليهم ، فسمع كل ما قالوه ونقله إلى القاضي ، حيث قال له ان أحدهم يقول أن اللحم الذي قدم إليهم لحم كلب ، فاستدعى القاضي الجزار على الفور وبعد ضغط شديد عليه أقر بأنه ذبح كلب حينما أمر القاضي بالغداء ولم يكن قطيع الشاه قد وصل بعد .
وأما عبدالله الذي قال ان من أعدت الغداء امرأة حامل في شهرها التاسع ، فقد تأكد القاضي من صدق ما قال حينما استدعى القاضي المرأة وسألها ، وأما عبدالله الثالث الذي قال عنه انه ابن زنا ، فقد تمنى لو أنه كاذب ودخل على أمه ليتيقن منها ، فنفت الأمر ولكنه شعر أنها تخفي شيئًا ، فأصر عليها ولم يبرح غرفتها حتى اعترفت أنه ابن رجل أخر .
فبهت القاضي وانصرف على الفور ليبت في أمرهم ؛ وهو مندهش كيف علموا عنه ما لم يعلمه عن نفسه ! ، ومن ثم جمع القاضي الأخوة وصاحب الجمل لينظر في قضيتهم ، وسألهم القاضي كيف علمتم أن الجمل أعور : فقال عبدالله الأول لأن ذلك الجمل كان يأكل من جانب واحد ، والجمل الأعور يأكل دائمًا من جانب العين التي يرى بها .
فقال القاضي : وكيف علمتهم أن ذيله أذعر ؟ فقال عبدالله الثاني لقد رأيت فضلات الجمل كتل مكومة ، فعلمت أن لا ذيل له لأن الذيل ينثر الفضلات يمينًا وشمالًا أثناء حركته ، فأومأ القاضي برأسه وقال لهم وماذا عن قولكم بأنه أعرج ؟ فقال عبدالله الثالث : عرفت ذلك من أثار خف الجمل بالأرض فقد كانت تبرز في قدم عن الأخرى .
وبعد أن انتهى الإخوة الثلاثة من حديثهم ، اقتنع القاضي بما قالوا وقال لصاحب الجمل : انصرف فإن جملك ليس معهم ، وبعد رحيل صاحب الجمل توجه القاضي إليهم بالسؤال عن تلك الأشياء التي قالوها وقت الغداء ؟ فقال لهم : كيف عرفتم أن من أعدت لكم الطعام امرأة حامل في شهرها التاسع ؟
فقال عبد الله الأول لأن الخبز الذي قدم مع وجبة الغذاء كان سميكًا من ناحية ورفيعًا من الناحية الأخرى ، وهذا لا يحدث إلا إذا كان هناك شيء يعيق وصول المرأة للخبز وهي البطن الكبيرة ، لذا عرفت أن من خبزته حامل ، وبعد ذلك سأل القاضي عبدالله الثاني : وكيف عرفتم أن اللحم الذي قدم لكم كان لحم كلب وليس شاه ؟
ففال عبدالله إن لحم الشاه يكون فيه الشحم كاسي اللحم والعظم ، أما في لحم الكلاب فاللحم يكسو الشحم ، لهذا عرفت أنه لحم كلب ، ثم حان دور عبدالله الثالث وكان القاضي ينتظر تلك اللحظة الحاسمة ، فسأله كيف عرفت اني ابن زنا فقال عبدالله لأنك أرسلت من يتجسس علينا وينقل لك أخبارنا .
وفي العادة لا يفعل ذلك إلا أبناء الزنا ، فتلك خصلة دائمًا ما يتصفون بها ، فقال القاضي حينها أنت لن ترث وأخواتك يرثون ، فقال له ولما أنا ؟ فقال القاضي : لا يعرف الزنا إلا ابن الزنا وأنت ابن زنا ، وبالفعل لما عاد الإخوة إلى أمهم علموا منها أن أحدهم كان ابنًا بالتبني
.
Yorumlar
Yorum Gönder